يأتي هذا التساؤل للمبتدئين عند تداول الفوركس إن كان يمكنهم التداول في سوق العملات بدون رافعة مالية بغض النظر عن أسبابهم المختلفة حيث أن بعضهم يهاب استخدامها لما ذكرناه عنها من المخاطر العالية واحتمالية وقوع خسائر مضاعفة وأخرى تتعلق بالجانب الديني وهو حكم الرافعة المالية حيث أن فتاوي العلماء وكبار شيوخ الدين الإسلامي قد صرحوا بأن حكم استعمال الرافعة مالية حرام شرعاً ولا يتحقق جواز ذلك حتى لو كانت جميع العوامل الأخرى واضحة وخالية من الشبهات والمخالفة للشريعة الإسلامية حيث أنها كما وضحوا في فتاوي أحكامها بأنها سبب كافٍ لأن يكون التداول حرام وغير جائز دون أي تفاصيل إضافية.
في هذا المقال على أكاديمية LFB نتناول أهم التساؤلات الملحة حول مفهوم الرافعة المالية مع أمثلة عملية بسيطة يسهل للمبتدئين فهمها، وتوضيح آليتها وميزاتها المحفوفة بالمخاطر العالية، وكذلك حكم الشرع فيها إن كانت حرام أم حلال وأخيراً وهو الأهم في حال كان التداول بها ممنوع: هل يمكن التداول بدون رافعة مالية؟
ما هي الرافعة المالية؟
الرافعة المالية من المفاهيم الشائعة للغاية في سوق الفوركس، وهي عبارة عن أداة مالية تقوم شركات التداول بتقديمها للعملاء من أجل زيادة الفرص المتاحة أمام المتداول في تحقيق أرباحٍ أعلى من المفترض أن يصل لها بما يتناسب مع قدراته المالية وقيمة إيداعه، حيث يتم مضاعفة رأس مال المتداولين بنسب معينة من أجل رفع قُدرتهم على الدخول في الصفقات وبالتالي إتاحة فرصة أكبر لتحقيق الربح المضاعف عند التداول من خلال الرافعة المالية.
وإذا لم تتفهم الأمر حتى الآن فدعني أُوضحه لك بالمثال التالي، ولنفترض أنك تمتلك 100 دولار أمريكي فقط لا غير وتُريد أن تبدأ في تجارة الفوركس الخاصة بك، وبكل تأكيد يعد هذا المبلغ صغير للغاية ولا يصلح للدخول في صفقات كبيرة، وهنا يبدأ ظهور الرافعة المالية ولنفترض إنها بنسبة 100:1، أي كل دولار موجود بحسابك يمنحك قوة شرائية بمائة دولار، وبالتالي يكون رأس مالك 10000 دولار أمريكي تستطيع الدخول بها في صفقات مُختلفة وتحقيق الأرباح.
ولعلك تتساءل في نفسك الآن ما السبب الذي يدفع شركات الوساطة المالية إلى العمل بنظام الرافعة المالية، والسبب في ذلك هو زيادة مستوى السيولة في سوق الفوركس والسماح لصغار المستثمرين بالدخول للسوق دون الحاجة إلى توفير رأس مال ضخم.
الرافعة المالية كارثة خفية وليست فرصةً حقيقية
كما هو معروف في عالم المال والأعمال أن لكل قرار عائد محتمل في المستقبل ومخاطر متعلقة به، وكذلك هو الأمر بالنسبة للرافعة المالية في تداول الفوركس، فعلى الرغم من شمولها على العديد من المميزات إلا أن الأمر لا يخلو من المخاطر أيضًا فهي سلاح ذو حدين.
فكما سبق التوضيح من أبرز مميزات الرافعة المالية إنها تعطي فرصة لصغار المتداولين للدخول للسوق دون الحاجة لرأس مال كبير، ولكن هنا قد يتسرع المتداولون الجدد ويقوموا باختيار أكبر رافعة مالية متاحة معتقدين إنها تزيد من فرص أرباحهم، ولا شك أن هذا الاعتقاد صحيح ولكن فهي تزيد أيضًا من نسبة الخسائر، ولمزيد من التوضيح هيا نقرأ هذا المثال معًا:
لنفترض أن هناك اثنين من المستثمرين: المتداول “أ” والمتداول “ب” وكل منهم لديه مبلغ 5000 دولار أمريكي قد خصصه لتداول العملات في سوق الفوركس، وجرت عملية التداول كما يلي:
- المتداول “أ” :
قام المتداول الأول باختيار رافعة مالية 1: 100 أي أصبح رأس المال المتاح للتداول 500000 دولار أمريكي وأصبح يمتلك 5 لوت (اللوت هي وحدة قياس حجم عقود الصفقات والواحد منها يساوي 100000 من العملة)
وبالتالي عند الدخول في صفقة وتحرك السوق بمعدل عشرة نقاط سواء لأعلى أو لأسفل ينعكس ذلك على حسابهُ بمعدل 50 لكل نقطة أي يكون التغيير الكلي بمعدل 500 دولار سواء ربح أو خسارة، وهنا في حالة الخسائر فلن يخسر المتداول سوى 10% فقط من رأس مالهُ.
- المتداول “ب”:
قام المتداول الثاني باختيار رافعة مالية 1:400، وبالتالي أصبح بإمكانه الدخول في صفقات بمبلغ 2000000 دولار أمريكي وأصبح لديه 20 لوت، وفي حالة تحرك السوق بمعدل عشرة نقاط سواء بالإيجاب أو بالسلب سوف تنعكس النقطة الواحدة عليه ب 200، وبالتالي يكون التغير الكلي في حسابه بمعدل 2000 دولار أمريكي، وفي حالة افتراض أن هذا التغير كان بالسلب سوف يكون المتداول قد خسر ما يعادل 40% من رأس ماله.
هل يمكن التداول بدون رافعة مالية؟
التداول بدون رافعة مالية أصبح متاح الآن في كافة شركات الوساطة المالية وشركات التداول المرخصة التي تدعم المستثمرين في الوطن العربي، حيث يمكنك اختيار رافعة مالية 1:1 وبالتالي يكون التداول المتاح لك هو بمقدار رأس مالك فقط لا غير.
أمر آخر في خيارات التداول بدون رافعة مالية هو فتح حساب تداول حلال إسلامي وهو ميزة التداول بدون ربا وبدون الخوض بمخاطر الرافعة المالية العالية والتي لا تناسب على وجه الخصوص من لا زال في مرحلة تعلم تداول العملات للمبتدئين.
وهنا قد يحتار المتداولين عن اتخاذ القرار بخصوص التداول بدون رافعة مالية أم باستخدامها، وكذلك إن كان سيستخدمها فما النسبة الجيدة لاعتمادها في صفقاته عندما تكون مصحوبةً باستخدام الرافعة المالية. الحقيقة أنه لا توجد إجابة محددة لهذا الأمر؛ وذلك كونه يعتمد بشكل أكبر على الاستراتيجية التي يتم إتباعها من قِبل المُستثمر، ولكن في كافة الأحوال يُنصح باستخدام رافعة منخفضة بالنسبة للأفراد المبتدئين في المجال في حال كان ميولهم وإصرارهم على استخدامها، أما النصيحة الخالصة هي التداول بدون رافعة مالية دائماً وأبداً، سواءً أكان اهتمامك يخص الجانب الشرعي للرافعة المالية أم لحجم المخاطر المحتملة فذلك هو الخيار الوحيد الذي سيكون حلك فعلاً للحالتين أو إحداهما.
تناولنا في هذه المقالة الحديث عن مفهوم الرافعة المالية في تداول العملات الأجنبية، ما هي الرافعة المالية وكيف تعمل؟ وكذلك فوائدها التي في حقيقتها تعتبر نقمات ومخاطر خفية تظهر مستقبلاً، وأوضحنا هذه المخاطر المحتملة التي يمكن للمستثمر أن يخوض بسببها حياةً بائسة تعيسةً ربما طوال العمر دون أي مبالغةٍ منا في ذلك.
باختصار معنى الرافعة المالية يشير إلى أداة مالية تسمح لصغار المتداولين بدخول سوق الاستثمار بإمكانيات فتح صفقات تداول تتطلب رؤوس أموال أكبر من أموالهم التي قاموا بإيداعها بشكلٍ فعلي من جانبهم بأضعاف خيالية، ولكنها تنطوي أيضًا على مخاطر إن كنت تواجه صعوبةً في فهم ما هي الرافعة المالية وكيف تعمل، فراجع ثانيةً مقالنا بالأعلى وتحديداً في الفقرات التي استعرضنا خلالها مثالاً توضيحياً بشكليٍ عملي لاثنين من المتداولين لهما نسب رافعة مالية مختلفة وكيفية تأثير ذلك على تداولهما.
وأخيراً وليس بآخر، نختتم هذا المقال بنصيحةٍ تفصل الأمر بشكلٍ جليٍ وواضح حول أفضلية استخدام الرافعة المالية أم التداول بدون رافعة مالية، فهو باختصار… تداول عزيزي بدون رافعة مالية لأن ذلك أسلم لك من جانب حجم المخاطر وكذلك أسلم لدينك وإسلامك.